التخطي إلى المحتوى الرئيسي

فك السحر بالقران لفضيلة الشيخة ام سلمان - قطر Detect magic Sheikha Um Salman - Qatar

ظاهرة التفكُّك الأسري

 

ظاهرة التفكُّك الأسري

دراسات التفكك الأسري مخاطر التفكك الأسري آثار التفكك الأسري التفكك الأسري PDF مظاهر التفكك الأسري نظريات التفكك الأسري أهمية دراسة التفكك الأسري التفكك الأسري في الإسلام


ملخَّص الخطبة:

1- سرُّ سعادة المجتمعات.

2- اختلال النِّظام الاجتماعي.

3- مظاهر هذا الاختلال.

4- خطر التفكُّك الاجتماعي.

5- فساد الحياة الاجتماعية في الغرب.

6- صور من جرائم العقوق.

7- مفاسد القطيعة.

8- أسباب القطيعة.

9- وعيد قطيعة الرَّحِم.

10- وصف الدَّواء.

11- اغتنام فرصة رمضان لتقوية الأواصر وإصلاح الوشائج.

-------------------------

الخطبة الأولى

أمَّا بعد:

فأوصيكم - عباد الله - ونفسي بتقوى الله الملك العلاَّم، فإن تقواه - سبحانه - عروةٌ ليس لها انفصام، وجذوة تنير القلوب والأفهام، **وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ** [النساء: 1].



أيُّها المسلمون:

القاعدةُ الكبرى في تحقيق سعادة المجتمع وضمان استقراره، والرَّكيزة العظمى في إشادة حضارة الأمَّة وبناء أمجادها، تَكْمُن بعد عقيدتها وإيمانها بربِّها في نسيجها الاجتماعي المترابِط، ومنظومتها القِيَمِيَّة المتألِّقة، التي تنتظم عواطفَ الودِّ المشترَك والحبِّ المتبادَل والتَّضامن المُشَاع والصِّلَة المستديمة، في بعدٍ عن الضَّغائن والبغضاء، وغوائل التَّقاطع والجفاء، وإثارة الأحقاد والشَّحناء.



معاشر المسلمين:

إنَّ المستقرئ للأوضاع الاجتماعية في كثيرٍ من المجتمعات الإسلامية ليدرك أنَّه في خِضَمِّ المتغيِّرات الاجتماعية، وفي ظلِّ تداعيات النُقلة الحضارية، وفي دوَّامة الحياة الماديَّة ومعترَك المشاغل الدنيوية - حدثت أنواعٌ من السُّلوكيَّات والأنماط الخطيرة التي يُخشى أن تؤثِّر في اختلال نظام الأمَّة الاجتماعي، ويأتي الانفتاح العالمي والأخطبوط العولمي ليُذكِي أوار هذه السُّلوكيات، ويُشعل فَتِيلَ هذه السَّلبيات، مما يؤكِّد أهمية تمسُّك الأمَّة بعقيدتها وقِيَمِها الحضارية وأخلاقها الاجتماعية الأصيلة.



ولعلَّ من أخطر الظواهر والمشكلات التي أذكتْها المتغيِّرات في الأمَّة: ما يتعلَّق بالأوضاع الاجتماعية، وما جدَّ عليها من مظاهر سلبيَّة، يوشك أن تعصف بالكِيَان الأسري، وتهدِّد التماسكَ الاجتماعي؛ فكثرت ظواهرُ عقوق الأبناء وتساهل الآباء، وتقلَّصت وظائف الأسرة، وكثُر جنوح الأحداث، وارتفعت نِسَبُ الطَّلاق والمشكلات الاجتماعية، وتعدَّدت أسباب الجريمة ومظاهر الانحراف والانتحار والعنف العائلي والمشكلات الزَّوجية، ووَهَنَ كثيرٌ من الأواصر، وضَعُفَ التَّواصل بين الأقارب والأرحام، وسادت القطيعة والجفاء، وحلَّت محلَّ الصِّلة والصَّفاء، وضعُفت وشائج الأخوَّة وروابط المودَّة، وشاعت قِيَم الأنانية والأحاديَّة بدلَ القِيَم الإيثارية والجماعية، مما يُنذر بإشعال فَتِيل أزمة اجتماعية خطيرة، يجبُ المبادرة إلى إطفائها والقضاء عليها، بإيلاء قضايانا الاجتماعية حقَّها من العناية والرِّعاية والاهتمام.



إخوة العقيدة:

وهذه وقفةٌ مع قضيةٍ من أخطر القضايا الأسرية، نشخِّص فيها ظاهرةً من أخطر الظَّواهر الاجتماعية التي لها آثارها السَّلبية على الأفراد والأُسَر والمجتمع والأمَّة، تلكم هي ظاهرة التفكُّك الأُسَري والخلل الاجتماعي الذي يوجد في كثير من المجتمعات اليوم، ممَّا يُنذِر بشؤمٍ خطير وشرٍّ مستطير، يُهدِّد كِيَانَها، ويُزعزع أركانَها، ويُصدِّع بُنيانها، ويُحدِث شروخًا خطيرةً في بنائها الحضاري ونظامها الاجتماعي، ممَّا يهدِّد البُنى التحتيَّة لها، ويستأصل شأفتَها، وينذر بهلاكها وفنائها.



إخوة الإيمان:

إنَّ الترابطَ الأسري والتماسكَ الاجتماعي مَيْزةٌ كبرى من مزايا شريعتنا الغرَّاء، وخَصِّيصَةٌ عظمى من خصائص مجتمعنا المسلم المحافِظ، الذي لُحْمَتُه التَّواصل، وسُدَاهُ التَّعاون والتَّكافل.

ويومَ أن زَبَعَتْ زوابع (العَصْرَنَة) والتَّحديث على كثير من المجتمعات الإسلامية - عاشت مرحلةً انتقاليَّة، افتقدت من خلالها ما كان يرفرف على جنباتِها من سلام أسريٍّ ووئام اجتماعي، مما أفرز جيلاً يعيش على أنماط اجتماعية وافِدة، وينحدر إلى مستنقع موبوء ووَحل محموم، من أمراض حضارة العصر التي سرت عدواها إلى بعض المجتمعات الإسلامية، فاجتاحت المُثُلَ الأخلاقيَّة العليا والقِيَم الاجتماعية المُثْلَى، وكأنها الإعصار المدمِّر لقِيَم الأمَّة ومُثُلها.



أمَّة الإسلام:

إن نظرةً فاحصةً لما تعيشه المجتمعات الغربيَّة لتؤكِّد أن أقسى ما تعانيه هذه المجتمعات اليوم هو التفكُّك الأسري، والفرديَّة المقيتة التي ضاقت بها بيوتهم بعد أن ضاقت بها قلوبهم. ولا عجب أن يطلبَ أهل الحيِّ فيهم الجهةَ الأمنية لأنَّ مُسِنًّا قد مات فأزكمت رائحتُه الأنوف بعد تعفُّنه دون أن يعلم بموته أحد!! فسبحان الله - عباد الله -!! إنها الماديَّات حينما تغلب على القِيَم والأخلاقيَّات، والأعجب - بل الأدهى من ذلك والأَمَرّ - أن يسري هذا الدَّاء إلى بعض المجتمعات الإسلامية وهي ترى بأمِّ عينها كيف أوشكت الأسرة الغربية على الانقراض؛ فكم نسمع من مظاهر التفكُّك وصور الخَلَل والعقوق في بعض المجتمعات، فهذا أبٌ لما كبرت سنُّه ووهن عظمه واحتاج لأولاده - لم يجد ما يكافؤوه إلاَّ بالتخلص منه في دور الرِّعاية، وكأنَّ لسانَ حاله يتمثَّل قولَ الأوَّل المكلوم:

غَذَوْتُكَ مَوْلُودًا وعُلْتُكَ يَافِعًا تَعُلُّ بِمَا أَجْنِي عَلَيْكَ وَتَنْهَلُ

إِذَا لَيْلَةٌ ضَاقَتْكَ بِالسُّقْمِ لَمْ أَبِتْ لِسُقْمِكَ إِلاَّ سَاهِرًا أَتَمَلْمَلُ

فَلَمَّا بَلَغْتَ السِّنَّ وَالغَايَةَ الَّتِي إِلَيْهَا مَدَى مَا كُنْتُ فِيكَ أُؤَمِّلُ

جَعَلْتَ جَزَائِي غِلْظَةً وَفَظَاظَةً كَأَنَّكَ أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُتَفَضِّلُ

فَلَيْتَكَ إِنْ لَمْ تَرْعَ حَقَّ أُبُوَّتِي فَعَلْتَ كَمَا الْجَارُ الْمُجَاوِرُ يَفْعَلُ


ولما سمع ذلك بكى، وأخذ بتلابيب الابن، وقال: ((أنت ومالُك لأبيك))[1].

وهذا آخَر طاعنٌ في السِنِّ يدخل المستشفى وهو على فراش المرض، ويعاني مرارة العقوق والحرمان، ويقول: "لقد دخلتُ هنا منذ أكثر من شهر، ووالله ما زارني أحدٌ من أبنائي وأقاربي"!.



بل تعدَّى الأمر إلى ما هو أفظع من ذلك، فهذا مأفون لمَّا بلغت أمُّه من الكِبَر عِتِيًّا تبرَّم وضاق بها ذَرْعًا، فما كان منه إلا أن أمر الخادمة فأخرجتها خارجَ المنزل، لتبيت المسكينة على عتبة الباب، حتى يُحسن إليها الجيران من الغد.

وهذا آخَر يُطلق النارَ على أبيه فيرديه قتيلاً، من أجل مشادَّة كلامية!!.

يا لله، رحماك يا إلهي، أيُّ جريمة ارتكبها هؤلاء العاقُّون في حقِّ أعزِّ وأقرب النَّاس إليهم؟! ويحهم على قبيح فعالهم، حتى لكأنَّ قلوبهم قُدَّت من صخرٍ أو هُدَّت من صُلب،، والله المستعان.



ونماذج العقوق والقطعية في زمن الأعاجيب كثيرة؛ فأين الرَّحمة عند هؤلاء والدِّيانة؟! بل أين المروءة والإنسانية؟! وإذا كان هذا في حقِّ الوالدَيْن، فما بالكم بموقف هؤلاء من الأقارب والأرحام؟! **فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ * أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ** [محمد: 22-23].



لقد وصل الحال ببعض الناس أن يمتلئ قلبه غيظًا وحقدًا على أقاربه وذوي رَحِمِه؛ فيقاطعهم؛ بل يعاديهم ويخاصمهم؛ بل يقاضيهم ويتمنَّى لهم الموتَ الزؤام من أجل أمر تافهٍ حقير، يتعلَّق بحفنة من الحطام، أو وشاية غِرٍ لئيم، أو زلَّة لِسان، أو شجار بين الأطفال، فتمرُّ الأشهر والسنوات وقلبُه يغلي عليهم، ونفسه تموج غلاً ضدَّهم كما يموج البركان المكتوم، فلا يستريح إلا إذا أَرْغَى وأَزْبَد، وآذَىَ وأَفْسَد، وانبلجت أساريرُه بنشر المعايب وإذاعة المثالِب، وسرد القبائح وذِكْر الفضائح، وتلك - لعَمْرو الحقِّ - من دلائل الصَّغار واللؤم، وخسَّة الطَّبع وقلَّة المروءة، لدى أقوامٍ لا يتلذَّذون إلا بالإثارة والتَّشويش، ولا يرتاحون إلا بالتَّحريش والتَّهويش. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المؤمن لا يُطالِب ولا يُعاتِب ولا يُضارِب"[2].



إنَّ غليانَ مراجل القطيعة في المجتمع – لا سيَّما بين أبناء الأسرة وذوي الرَّحِم والقُرْبى - وطغيان المآرب الشخصية والمصالح الذَّاتية - أدواءٌ فتَّاكةٌ، إذا تمكَّنت من جسد الأمَّة أثْخَنَتْها؛ فهي مصدر كلِّ بلاء، وسبب كلِّ عداء، ومنبع كلِّ شقاء؛ بل هي السلاح البتَّار الذي يشهره الشيطان ضدَّ القلوب فيفرِّقها، والعلاقات فيمزِّقها، في غلياناتٍ شيطانية وهيجانات إبليسيَّة، إن أُرخي لها الزمام وأطلِق لها الخطام - قَضَتْ على حاضر الأمَّة ودمَّرت مستقبلها، وإذا تنافر وُدُّ القلوب كُسِرَت زجاجات التَّواصل، وتمكَّن الشرُّ في النُّفوس، وعاد الناس ذئابًا مسعورةً ووحوشًا كاسرةً، **وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِى الأرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوء الدَّارِ** [الرعد: 25].



أمَّة الإسلام:

ويوم أن ضَعُفَ التَّديُّن في قلوب كثيرين، وكثُر الجهل بالشريعة، وطغت المادَّة - ضعُفت أواصر التَّواصل، وتعدَّدت مظاهر القطيعة، وإلاَّ فلا تكاد فضائل الصِّلَة وآثارها الخيِّرة تخفى على العاقل اللبيب؛ فهي صفة أهل الإيمان: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوء الحِسَابِ** [الرعد: 21].



وهي ثمرةٌ من ثمار الإيمان بالله واليوم الآخِر؛ خرَّج الشَّيخان من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخِر فليَصِل رَحِمَه))[3].

وهي سببٌ للبركة في الرِّزق والعُمر؛ يقول رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَنْ أحبَّ أن يُبسَط له في رزقه، ويُنسأَ له في أَجَلِه؛ فليَصِلْ رَحِمَه))؛ مخرَّجٌ في "الصحيحَيْن" من حديث أنس - رضي الله عنه[4]. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ الله خلق الخَلْقَ، حتى إذا فرغ منهم قامت الرَّحِم فقالت: هذا مقام العائذ بكَ من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وأقطع من قطعَكِ؟! قالت: بلى، قال: فذلك لكِ))[5]. وعن جبير بن مُطْعِم - رضي الله عنه - أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يدخل الجنة قاطع)). قال سفيان: "يعني: قاطع رَحِم"؛ رواه البخاريُّ ومسلمٌ[6].



إنَّ حقًّا على كلِّ قاطع رَحِمٍ أن يبادر بالصِّلَة وهذا الوعيد يَقْرَع سمعَه قبل فوات الأوان، ولا أظنُّ أن أحدًا يُعذر بعد خدمة الاتصالات الحديثة.

فرحم الله عبدًا يصِلَ رَحِمَه وإن قطعوه، يتعهَّدهم بالزِّيارة، ويتخوَّلهم بالهديَّة وإن جفوه، يقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس الواصل بالمكافئ، وإنما الواصل الذي إذا قُطعت رَحِمُه وَصَلَها))؛ خرَّجه البخاريُّ[7]، وعند مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أَصِلُهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلُم عنهم ويجهلون عليَّ. قال - صلوات الله وسلامه عليه -: ((لئن كنتَ كما قلتَ؛ فكأنما تُسفُّهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمت على ذلك))[8].



فهنيئًا لقريبٍ أعان على صِلَته بقبول العذر والصَّفح والعفو، والتَّغاضي عن الهفوات، والتَّغافل عن الزلاَّت، إن أحسنَ فلا يَمُنّ، وإن أعطى فلا يَضِنّ، لا يعرف السِّباب، ولا يُكثر العتاب، فليست تدوم مودةٌ وعتاب، يتجنَّب المراء والجدال، ويحسن الأقوالَ والفعال، يشارك أقاربَه آلامهم وآمالهم، ويشاطرهم أفراحهم وأتراحهم، مفتاحٌ لكلِّ خير، مغلاقٌ لكلِّ شرّ، ينصح ولا يفضح، ويستر ولا يعيِّر، وفي ذلك ذكرى للذَّاكرين وعبرة للمعتبِرين، والله المسؤول أن يصلح الحال، وتسعد المآل، إنَّه جزيل العطاء والنوال.



أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفره وتوبوا إليه، فيا لفوز المستغفرين، ويا لبشرى التائبين.

اللهم أنت وليُّنا؛ فاغفر لنا وارحمنا، وأنت خير الغافرين.



الخطبة الثَّانية

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وأمرنا بصِلَة الأرحام، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك القدُّوس السَّلام، منَّ علينا بقرب حلول شهر الصِّيام والقيام، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبد الله ورسوله بدر التَّمام، ومِسْك الختام، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله البَرَرَة الكرام، وصحابته الأئمَّة الأعلام، والتَّابعين ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ ما تعاقب النُّور والظَّلام.




أمَّا بعد:

فاتقوا الله عباد الله، **وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ** [البقرة: 281].

واعلموا أنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهَدْي هَدْي محمَّدٍ – صلَّى الله عليه وسلَّم - وشرُّ الأمور مُحدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة.



أيها الإخوة في الله:

وبعد تشخيص الدَّاء لظاهرة القطيعة والتفكُّك الاجتماعي، يأتي وصفُ الدَّواء وأخذ التَّدابير الواقية للتصدِّي لهذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة، ولعل أولى خطواتِ العلاج: إصلاحُ النفوس بالخوف من الله ومراقبته، واستشعار معيَّته، وتعظيم أمره ونهيه في ذلك، وتربية النفوس على التكافل والإحسان وحفظ اللسان والتثبُّت عند إطلاق الشَّائعات، والحذر من الغضب، وكظم الغيظ، والسَّعي في الإصلاح، مع الصبر والتحمُّل والعفو والتجمُّل، واليقين بأن قوة الأمَّة إنما تكمن في تماسكها وترابط أبنائها.



أيها الأحبَّة في الله:

ولعلَّ التَّذكير بهذه القضية والأمَّة على أبواب شهر الخير والبركة من أكبر الدَّوافع على الأَخْذ بالخطوات العمليَّة في إصلاح النفس والمجتمع، وبمثل هذا ينبغي أن تستقبل الأمَّة شهرَها الكريم، مع الحاجة الماسَّة في أن يولي المتخصِّصون هذه الظاهرةَ وأمثالها الدراسةَ الجادة والحلول العمليةَ الناجحة.



فيا أيها المسلمون:

يا من هبَّت رياحُ اشتياقكم لبلوغ شهر رمضان المبارك، ماذا أعددتهم لاستقباله؟ أوَلستم تريدون الفوزَ بالجنان؟! أين زادُكم وعدَّتكم وقد قَرُبَت أيام المرابحة؟! أين تدريباتُ العزائم والاستعداد لأغلى المواسم؟!

إنَّ الكيِّس الصادقَ من أعدَّ للسِّباق والمنافسة، حتى إذا ما هلَّ الهلال المبارك انطلق لا يلتفت، وشمّر لا يفتئت، عاليَ الهمَّة لبلوغ القمَّة، غايتُه نصبَ عينيه، وشوقُه حاديه على مواصلة الجدِّ في ميدان التَّسابق، حتى يفوزَ بالموعود، إذا نزل الناس إلى أسواق الدُّنيا لشراء ما لذَّ وطاب من المطاعم والمشارب، نزل إلى أسواق الجنان يرابح ويغالب.



ألا فلتهنأ الأمَّة بشهرها، ولتستعدَّ لحسن الاستقبال بتوبةٍ عامة وإنابة شاملة مخلصة في شتى المجالات، وفتح صفحة المحاسبة لمستقبل أفضل، تعالج فيها مشكلاتها، وتتوحَّد فيها كلمتُها، وتنتصر - بإذن الله - على أعدائها، وما ذلك على الله بعزيز.

ألا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على النبيِّ المصطفى، والرسول المجتبى، كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعلا، فقال تعالى قولاً كريما: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا** [الأحزاب: 56].

اللهمَّ صلِّ وسلِّم على سيد الأوَّلين والآخِرين، وأفضل الأنبياء والمرسلين، نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، وارضَ اللهمَّ عن خلفائه الرَّاشدين ...


ـــــــــــــــــــــــــ

[1] أخرجه الطبراني في الصغير (947)، والأوسط (6570)، والبيهقي في الدلائل - كما في نصب الراية (3/338) - من حديث جابر - رضي الله عنهما. قال الهيثمي في المجمع (4/155): "روى ابن ماجه طرفا منه، رواه الطبراني في الصغير والأوسط، وفيه من لم أعرفه، والمنكدر بن محمد ضعيف، وقد وثقه أحمد، والحديث بهذا التمام منكر، وقد تقدمت له طريق مختصرة رجال إسنادها رجال الصحيح".

[2] انظر: مدارج السالكين (1/523).

[3] جزء من حديث أخرجه البخاري في الأدب (6138)، وأخرج مسلم أصله في الإيمان (48) وليس فيه هذا الجزء.

[4] أخرجه البخاري في الأدب (5986)، ومسلم في البر والصلة (2557).

[5] أخرجه البخاري في الأدب (5987)، ومسلم في البر والصلة (2554).

[6] أخرجه البخاري في الأدب (5984)، ومسلم في البر والصلة (2556).

[7] أخرجه البخاري في الأدب (5991) من حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما.

[8] أخرجه مسلم في البر والصلة (2558).

تعليقات

مواضيع مرتبطة

سورة يونس اقوى سورة تسحب الجان الساحر وينطق من فعل السحر ويحترق في نفس اللحظة فضيلة الشيخة ام سلمان

سورة يونس اقوى سورة تسحب الجان الساحر وينطق من فعل السحر ويحترق في نفس اللحظة فضيلة الشيخة ام سلمان قوى آية تحرق الساحر الجان وتسحبه يتكلم اما القارى من فعل السحر ويبلغ كيف يحترق من اطرف رجلة حتى يحترق بالكامل ويتحرق قلبه وبهدها يكون جسم المسحور شديدة السخونه وهطول عرق غزير تاكيد الحرق وتكون صحة قوية   فك السحر بالقران لفضيلة الشيخة ام سلمان - قطر Detect magic Sheikha Um Salman - Qatar فضيلة الشيخة  ام سلمان سورة  يونس اقوى سورة تسحب الجان الساحر وينطق من فعل السحر وين فعله ويتكلم الجان الساحر انه هو من يفعل السحر  ويحترق في نفس اللحظة فضيلة الشيخة ام سلمان اقوى سورة للمصابين بالسحر هي سورة يونس بعد قرائتها تقرأ سورة البقرة واثناء قراءة سورة  يونس  تككرار هذه لايات اكثر من مرة  الى 7 او 10 حتى يحضر الساحر الجان وينطق  هذه لايات  (( ) فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلۡحَقُّ مِنۡ عِندِنَا قَالُوٓاْ إِنَّ هَـٰذَا لَسِحۡرٌ۬ مُّبِينٌ۬ (٧٦) قَالَ مُوسَىٰٓ أَتَقُولُونَ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَڪُمۡ‌ۖ أَسِحۡرٌ هَـٰذَا وَلَا يُفۡلِحُ ٱلسَّـٰحِرُونَ (٧٧) قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِتَل

برنامج سورة الاحقاف وسورة القلم تحرق السحر والساحر ومن فعل السحر في نفس الوقت

برنامج سورة الاحقاف وسورة القلم تحرق السحر والساحر ومن فعل السحر في نفس الوقت فضيلة الشيخة ام سلمان العلاج بالقران الكريم  Qatar77 :: فك السحر بالقران لفضيلة الشيخة ام سلمان - قطر Detect magic Sheikha Um Salman - Qatar ـ رنامج سورة الاحقاف وسورة القلم تحرق السحر والساحر ومن فعل السحر في نفس الوقت فتح الرزق بالقران الكريم للشيخه ام سلمان تجربتي مع الشيخة ام سلمان سورة المطففين لحرق السحر الشيخه ام سلمان للزواج مجربات الشيخة ام سلمان منتدى انت الدلع الشيخه ام سلمان سورة الحج للسحر سورة الجاثية والسحر تعقد الأعمال دائما بأهداف ايذاء معينه للمعقود له العمل أو السحر بالتفريق مثلا بين الرجل وزوجته أو بنيه أو أبيه أو أمه أو أخيه أو شريكه . وهكذا ، أو بالمحبة أو بالكراهية أو بالتخبيل أو الجنون أو الخمول أو المرض أو النزيف أو غير ذلك كما ذكرنا فى غير هذا الموضع . فإن كان سحر تفريق ، تقرأ الرقية الاتيه : سورة الفاتحة سورة البقرة من الاية  1 - 5 سورة البقرة الاية 102 سبع مرات سورة البقرة من الاية 163 - 164 سورة البقرة آية الكرسي الاية 255 سورة البقرة آخر السورة من الاية 285 - 2

سورة المطففين السحر لأم سلمان القطرية

سورة المطففين السحر لأم سلمان القطرية سُوۡرَةُ المطفّفِین فضلها تحرق السحر ولا يعود مرة ثانية ام سلمان القطرية . هذا البرنامج قوي قوي جدا للشيخه ام سلمان من قطر فضل (سُوۡرَةُ المطفّفِین ) تحرق السحر تفتح الرزق والعلم والزوج وتشفي المريض تنزل الموت والمرض والعذاب على من فعل السحر وتكشف لك من فعل السحر. (تحذير هذا البرنامج وقت التطبيق فقط بعد الساعه 2 ليلا حتى اذان الفجر يسمح لك بالتطبيق أي وقت في هذه الفترة فقط .... ان قرائت في غير هذا الوقت المخصص خطاء عليك يكون له اثر عسكي عليك لا تطبق الا بمثل هذا الوقت وتكون في تجاه قبلة الصلاة موضح اسفل البرنامج الطريقة ) من فضل الله هذا البرنامج قصير فقط يأخذ من وقتك 7 دقايق كل سورة دقيقه ولكن ينصركم على كل شيء وفقطقراء لشخص واحد اما عن نفسك او عن شخص تريد ان تفك عنه السحر تنوي بالقلب النية فك عنه  وتقول نويت افك اسحار فلان وتقوم قيام الليل وتصلي ركعتين او اربع وتطلب من الله انك تفك عن فلان وبعد الانتهاء من الصلاة تجلس في تجاه قبلة الصلاة وتطبق هذا البرنامج وكل فترة الانسان يحتاج هذا البرنامج حتى يحرق عن نفسه كل سحر جديد او قد

1