كتاب نهج البلاغة في ميزان أهل السنة والجماعة
ام سلمان المعالجة في قطر
بسم الله الرحمن الرحيم
كِتابُ " نَـهْـجِ الـبَـلاغَــةِ " في مِيزانِ أهلِ السنةِ والجماعةِ
الـــحَـــمْـــدُ لِـــلَّـــهِ وبَـــعَـــدُ ؛
كما هو معروف شهرة كتاب " نهج البلاغة " عند أهل السنة والشيعة ، ولكن لأهل السنة رأي في نسبة الكتاب إلى علي رضي الله عنه ، وفي المقابل يستميت الرافضة في إثبات نسبة الكتاب إليه رضي الله عنه .
وفي هذا المقال نُورد رأي أهل السنة من خلال كلام العلماء في صحة نسبة الكتاب لكي لا يغتر السني بما يزخرفه الشيعة من كثرة النقول عنه .
من هو مؤلفُ كتاب " نهج البلاغة " ؟؟؟؟
- ذكر الإمام الذهبي في السير (17/589) الاختلاف في مؤلف الكتاب فقال :
المُرْتَضى ، عَلِيُّ بنُ حُسَيْنِ بنِ مُوْسَى القُرَشِيُّ العَلاَّمَةُ، الشَّرِيْف ُ، المُرْتَضَى ، نَقِيْبُ العَلَوِيَّة ، أَبُو طَالِبٍ عَلِيُّ بنُ حُسَيْنِ بن مُوْسَى القُرَشِي ُّ، العَلَوِيُّ ، الحُسَيْنِيُّ ، المُوْسَوِيُّ ، البَغْدَادِيُّ ، مِنْ وَلد مُوْسَى الكَاظِم .
وُلِد َ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ وَثَلاَثِ مائَة ٍ. وَحَدَّثَ عَن ْ: سَهْلِ بنِ أَحْمَدَ الدِّيباجِي ، وَأَبِي عَبْدِ اللهِ المَرْزُبَانِي ّ، وَغيرهمَا . قَالَ الخَطِيْب ُ: كَتَبْتُ عَنْهُ .
قُلْت ُ: هُوَ جَامعُ كِتَابِ ( نَهْجِ البلاغَة ) ، المنسوبَة أَلفَاظُه إِلَى الإِمَامِ عَلِيّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ، وَلاَ أَسَانيدَ لِذَلِك َ، وَبَعْضُهَا بَاطِل ٌ، وَفِيْهِ حق ٌّ، وَلَكِن فِيْهِ مَوْضُوْعَاتٌ حَاشَا الإِمَامَ مِنَ النُّطْقِ بِهَا ، وَلَكِنْ أَيْنَ المُنْصِف ُ؟!
وَقِيْل َ: بَلْ جَمْعُ أَخِيْهِ الشَّرِيْف الرَّضي .ا.هـ.
- وقال أيضا في الميزان (3/124) : وهو المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة .
وانظر لسان الميزان (4/256 – 258) في ترجمته .
- وقال ابن كثير في البداية والنهاية (12/56 – 57) في سنة ست وثلاثين وأربع مئة عند ترجمة الشريف المرتضى :
قال : ويقال : إنه هو الذي وضع كتاب " نهج البلاغة " .ا.هـ.
فـائـدةٌ :
- ذكر الحافظ ابن كثير في ترجمة الشريف المرتضى أمورا عجيبة ومن ذلك :
علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الشريف الموسوي ، الملقب بالمرتضى ذي المجدين - كان أكبر من أخيه الرضي - ذي الحسبين ، نقيب الطالبين ، وكان جيد الشعر على مذهب الإمامية والاعتزال يناظر على ذلك ، وكان يناظر عنده في كل المذاهب ، وله تصانيف في التشيع ؛ أصولا وفروعا ، وقد نقل ابن الجوزي في ترجمته أشياء من تفرداته في التشيع ، فمن ذلك أنه لا يصح السجود إلا على الأرض أو ما كان من جنسها ، وأن الاستجمار إنما يجزئ في الغائط لا في البول ، وأن الكتابيات حرام ، وذبائح أهل الكتاب حرام ، وكذا ما ولوه هم وسائر الكفار من الأطعمة ، وأن الطلاق لا يقع إلا بحضرة شاهدين ، والمعلق منه لا يقع وإن وجد شرطه ، ومن نام عن صلاة العشاء حتى انتصف الليل وجب قضاؤها ، ويجب عليه أن يصبح صائما كفارة لما وقع منه .
ومن ذلك أن المرأة إذا جزت شعرها يجب عليها كفارة قتل الخطأ ، ومن شق ثوبه في مصيبة وجب عليه كفارة يمين ، ومن تزوج امرأة لها زوج لا يعلمه وجب عليه أن يتصدق بخمسة دراهم ، وأن قطع السارق من أصول الأصابع .
قال ابن الجوزي : نقلتها من خط أبي الوفاء بن عقيل .
قال : وهذه مذاهب عجيبة تخرق الإجماع ، وأعجب منها ذم الصحابة ، رضي الله عنهم . ثم سرد من كلامه شيئا قبيحا في تكفير عمر وعثمان وعائشة وحفصة ، رضي الله عنهم ، وقبحه وأمثاله إن لم يكن تاب ، فقد روى ابن الجوزي قال : أنبأنا ابن ناصر ، عن أبي الحسن بن الطيوري قال : سمعت أبا القاسم بن برهان يقول : دخلت على الشريف المرتضى أبي القاسم العلوي في مرضه ، وإذا قد حول وجهه إلى الجدار ، فسمعته يقول : أبو بكر وعمر وليا فعدلا ، واسترحما فرحما ، فأنا أقول : ارتدا بعد ما أسلما ؟! قال : فقمت فما بلغت عتبة الباب حتى سمعت الزعقة عليه .ا.هـ.
- وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان في ترجمة المرتضى :
وقد اختلف الناس في كتاب " نهج البلاغة " المجموع من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، هل هو من جمعه أم جمع أخيه الرضي ؟ .
وقد قيل : إنه ليس من كلام علي رضي الله عنه ، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه .ا.هـ.
وقال القنوجي في أبجد العلوم (3/67) عند ترجمة الشريف المرتضي :
وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة ، المجموع من كلام الإمام علي بن أبي طالب ، هل هو جَمَعَه ، أم جَمْعُ أخيه الرضي ؟ وقد قيل : إنه ليس من كلام علي، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه .ا.هـ.
- وقال محب الدين الخطيب في تعليقه على " المنتقى من منهاج السنة " ( ص 20) :
وهذان الأخوان تطوعا للزيادة على خطب أمير سيدنا علي بكل ما هو طارئ عليها وغريب منها ؛ من التعريض بإخوانه الصحابة ، وهو بريء عند الله عز وجل من كل ذلك ، وسيبرأ إليه من مقترفي هذا الإثم .ا.هـ.
- وقال أيضا ( ص 508) :
ومن المقطوع به أن أخاه علي بن الحسين المرتضى المتوفي سنة (426 هـ) شاركه في الزيادات التي دُسَّت في النهج ، ولا سيما الجُمل التي لها مساس بأحباب علي وأولياء النبي صلى الله عليه وسلم كقول الأخوين أو أحدهما : لقد تقمصها فلان ، وما خرج من هذه الحمأة .ا.هـ.
- وقد رجح الشيخ صالح الفوزان في " البيان لأخطاء بعض الكتاب " ( ص 72) أن الكتاب من وضع الاثنين فقال :
والذي يظهر لي أنه من وضع الاثنين ... ومما يدل على أن كتاب " نهج البلاغة " إما من وضع المرتضى أو له فيه مشاركة قوية ما فيه من الاعتزاليات في الصفات ، والمرتضى كما ذُكر في ترجمته من كبار المعتزلة .ا.هـ.
آراءُ علماءِ أهلِ السنةِ في كتابِ " نهج البلاغة " :
تكلم علماء أهل السنة على كتاب " نهج البلاغة " بأدلة ظاهرة واضحة ساطعة بما لا يدع مجالا للشك أن الكتاب يستحيل أن ينسب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وإليك بعضا من أقوالهم .
- قال الخطيب البغدادي في الجامع (2/161) :
ونظير ما ذكرناه آنفا أحاديث الملاحم ، وما يكون من الحوادث ، فإن أكثرها موضوع ، وجُلها مصنوع ، كالكتاب المنسوب إلى دانيال ، والخُطب المروية عن علي بن أبي الخطاب .ا.هـ.
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (8/55 – 56) :
وأيضا ؛ فأكثر الخطب التي ينقلها صاحب "نهج البلاغة "كذب على علي ، وعليٌّ رضي الله عنه أجلُّ وأعلى قدرا من أن يتكلم بذلك الكلام ، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ، فلا هي صدق ولا هي مدح ، ومن قال إن كلام علي وغيره من البشر فوق كلام المخلوق فقد أخطأ ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فوق كلامه ، وكلاهما مخلوق ...
وأيضا ؛ فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره ، لكن صاحب نهج البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ، ومنه ما يحكى عن علي أنه تكلم به ، ومنه ما هو كلام حق يليق به أن يتكلم به ولكن هو في نفس الأمر من كلام غيره .
ولهذا يوجد في كلام البيان والتبيين للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول عن غير علي وصاحب نهج البلاغة يجعله عن علي ، وهذه الخطب المنقولة في كتاب نهج البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة قبل هذا المصنف منقولة عن علي بالأسانيد وبغيرها ، فإذا عرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيرا منها بل أكثرها لا يعرف قبل هذا علم أن هذا كذب ، وإلا فليبيِّن الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ، ومن الذي نقله عن علي ، وما إسناده ، وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، ومن كان له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول بالأسانيد وتبين صدقها من كذبها ؛ علم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن علي من أبعد الناس عن المنقولات والتمييز بين صدقها وكذبها .ا.هـ.
- وقال الإمام الذهبي في الميزان (3/124) :
ومن طالع كتابه " نهج البلاغة " ؛ جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ، ففيه السب الصراح والحطُّ على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة ، وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين ، جزم بأن الكتاب أكثره باطل .ا.هـ.
- وجاء في كتاب مختصر التحفة الإثنى عشرية ( ص 36) :
ومن مكائدهم – أي الرافضة – أنهم ينسبون إلى الأمير من الروايات ما هو بريء منه ويحرفون عنه ، فمن ذلك " نهج البلاغة " الذي ألفه الرضي وقيل أخوه المرتضى ، فقد وقع فيه تحريف كثير وأسقط كثيرا من العبارات حتى لا يكون به مستمسك لأهل السنة ، مع أن ذلك أمر ظاهر ، بل مثل الشمس زاهر .ا.هـ.
- وقال الشيخ الفوزان في " البيان " ( ص72) :
ثم نقل ابن حجر في لسان الميزان كلام الذهبي مقررا له .
فهؤلاء الأئمة : شيخ الإسلام ، والإمام الذهبي ، والحافظ ابن حجر ؛ كلهم يجزمون بكذب نسبة ما في هذا الكتاب أو أكثره إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأنه من وضع مؤلفه .ا.هـ.
- وقال الدكتور زيد العيص في كتاب " الخميني والوجه الآخر في ضوء الكتاب والسنة " (ص 164) بعد أن نقل كلام العلماء في تكذيب نسبة الكتاب إلى علي رضي الله عنه :
ونعم ما قاله هؤلاء العلماء رحمهم الله ، فإن الناظر في محتويات هذا الكتاب ، وفي مضمون خُطبه يجزم بأنه مكذوب على علي إلا كلمات يسيرة وردت عنه ، ويتأكد هذا الحكم بالأمور التالية : ... وذكر ثلاثة أمور .ا.هـ.
- وقال الشيخ الدكتور ناصر القفاري في " أصول الشيعة " (1/389) :
فتراهم مثلا يحكمون بصحة كتاب نهج البلاغة ، حتى قال أحد شيوخهم المعاصرين – وهو الهادي كاشف الغطاء في مدارك نهج البلاغة - : إن الشيعة على كثرة فرقهم واختلافها متفقون متسالمون على أن ما في نهج البلاغة هو من كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه اعتمادا على رواية الشريف ودرايته ووثاقته .. حتى كاد أن يكون إنكار نسبته ليه رضي الله عنه عندهم من إنكار الضروريات وجحد البديهيات اللهم إلا شاذا منهم . وأن جميع ما فيه من الخطب والكتب والوصايا والحكم والآداب حاله كحال ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم .
مع أن كتاب النهج مطعون في سنده ومتنه ، فقد جُمع بعد أمير المؤمنين بثلاثة قرون ونصف بلا سند ، وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضي ، وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصا فيما يوافق بدعته فكيف إذا لم يسند كما فعل في النهج ، وأما المتهم – عند المحدثين – بوضع النهج فهو أخوه علي .ا.هـ.
بعض أهل السنة ينسب الكتاب إلى علي رضي الله عنه :
وبالرغم من تكذيب هؤلاء الأعلام من علماء أهل السنة نسبة الكتاب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وُجد من أهل السنة من يجزم أن الكتاب من كلام علي رضي الله عنه .
- قال الشيخ مشهور حسن في " كتب حذر منها العلماء " (2/251) :
وقد قال محمد محيى الدين عبد الحميد في مقدمة تعليقه عليه إنه من كلام علي رضي الله عنه ، وقال : إنه يعتقد أن محمد عبده كان مقتنعا بأن الكتاب كله للإمام علي رضي الله عنه وإن لم يصرح بذلك ، وحتى إنه ليجعل ما فيه حجة على معاجم اللغة .
وذهب محمد الخضري بك إلى أنه من وضع حيدرة .ا.هـ.
ثم نقل الشيخ مشهور رد محمد العربي التباني على محمد الخضري بك بطلان نسبة الكتاب إلى علي رضي الله عنه من عشرة أوجه ، فليرجع إليها . ولولا خشية الإطالة لنقلتها بنصها .
وقد استهجن الدكتور زيد العيص في كتاب " الخميني والوجه الآخر " ( ص 166) موقف محمد عبده من الكتاب حيث قام محمد عبده بشرح ألفاظ الكتاب .
قال الدكتور : وليس بمستغرب أن يصدر هذا الافتراء عن الشريف المرتضى ، إنما المستهجن موقف الشيخ محمد عبد الذي قام بشرح ألفاظ هذا الكتاب ، وكان يمر بالعبارات التي تذم الشيخين ، والصحابة ، والنصوص التي توحي بأن عليا يعلم الغيب ، وغيرها من النصوص المستنكرة ، دون أن يعلق بكلمة واحدة ، وكأنها مسلمات عنده .
ولم يكن هم الشيخ سوى شرح الألفاظ ، وتقريب المعاني إلى القاريء بأسلوب ميسر ليحببه إلى النفوس ، ويشجع على قراءته ، والغريب أيضا أنه عبر في بعض المواضع عن أهل السنة بقوله : " عندهم " . ولا أدري أين كان يضع الإمام نفسه وقتئذ ؟! .ا.هـ.
وقد رد الشيخ صالح الفوزان في كتاب " البيان لأخطاء بعض الكُتاب " ( ص 69 – 85) على الدكتور عبد الفتاح محمد الحلو الذي كتب بحثا بعنوان : " نهج البلاغة بين الإمام علي والشريف الرضي " في مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية " بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في ( العدد الخامس – عام 1395 هـ ) .
وسأفرد رد الشيخ الفوزان على الدكتور الحلو بموضوع خاص به إن شاء الله تعالى .
أرجو أن يكونَ في هذه النقولات لكلام علماء أهل السنة كفاية لبيان كذب نسبة كتاب " نهج البلاغة " .
ومن كان عنده زيادة أو تعليق أو تعقيب فأكون له من الشاكرين .
كتبه عبد الله زقيل
نهج البلاغة
وصحّة نسبة النّصوص الواردة فيه إلى عليّ رضي الله عنه، وقد قام بذلك خير قيام الدكتور صبري إبراهيم السّيّد في تحقيقه وتوثيقه للنهج ببحث يمتاز بالدقة والصبر والتأنّي- كما وصفه مقدّمه الأستاذ المحقق عبد السّلام محمّد هارون- فبعد أن أثبت نسبة نهج البلاغة إلى الشريف الرضي لا إلى لا أخيه الشريف المرتضى - قال (ص19 - 2): (كأنت نسبة ما في"نهج البلاغة"إلى الأمام عليّ مثاراً للشكّ عند العلماء والباحثين، المتقدمين والمتأخرين على مرّ العصور، كما أثار الجدل حول النّصوص ذاتها التي حواها الكتاب، فكثير من علماء القرن السادس الهجري كانوا يزعمون أن معظم ما في نهج البلاغة لا يصحّ إلى عليّ بن أبي طالب وإنما ألّفه قومٌ من فصحاء الشيعة، من بينهم السيد الرضي. ولعل ابن خلّكان أول من أثار الشكوك في قلوب الباحثين بنسبته الكتاب إلى الشريف المرتضى تأليفاً. ثم جاء من بعده الصفدي، وغيرُه من كتّاب التراجم فتابعوه على ذلك، وحينئذٍ قويَ الشك وتمكّن. يقول ابن خلكان: (وقد قيل إنه ليس من كلام عليّ وإنما الذي جمعه ونسَبه اليه هوالذي وضعه) (وفيات الأعيان) (3/ 416). ويقول الذهبي: (ومَن طالع كتاب"نهج البلاغة"جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه) (الميزان) (3/ 124).
وأهم ما نجده من أسباب للشك في نسبة النّصوص الواردة في كتاب نهج البلاغة عن القدماء والمحدثين ما يلي) ثم ساق الدكتور صبري عشرة أسباب لذلك ننقلها من كلامه بشيء من الإختصار والتصرّف:
إن في الكتاب من التعريض بصحابة رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم ما لا يصحّ نسبته إلى عليّ رضي الله عنه.
وهوما قرّره الحافظ ابن حجر في (اللسان) (4/ 223) بقوله: (ففيه السبّ الصراح والحطّ على السيدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما).
إنّ فيه من السجع والتنميق اللفظي وآثار الصنعة ما لم يعهده عهد عليّ ولا عرفَه.
إنّ فيه من دقة الوصف واستفراغ صفات الموصوف كما تراه في الخفاش والطأووس وغير ذلك مما لم تعرفه العرب إلاّ بعد تعريب كتب اليونان والفرس الأدبية والحكمية.
إنّ فيه بعض الألفاظ الإصطلاحية التي لم تعرف إلا من بعد كالأين والكيف وكاصطلاحات المتكلّمين وأصحاب المقولات مثل (المحسوسات) و(الصفات الذاتية والجسمانية).
إنّ فيه ما يُشَمّ منه ريح ادّعاء صاحبه علم الغيب.
إنّ في خطبه مقاطع طويلة وقصيرة تروى على وجهين مختلفين يتّفقان في المعنى، ولكن يختلفان في اللفظ.
خلوّ الكتب الأدبية والتاريخية التي ظهرت قبل الشريف الرضي من كثير مما في النهج.
طول الكلام غير المعهود في ذلك الوقت كما في عهده إلى الأشتر النخعي، والمعروف عن عليّ رضي الله عنهمالتوسّط إن لم يكن الإيجاز.
ما في الكتب من الخطب الكثيرة والرسائل المتعددة التي من الواضح انها مختلقة لأغراض مذهبية شيعية.
عدم ذكر المصادر المنقول منها خطب علي رضي الله عنه ولا الشيوخ الذين رووا ذلك.
ثم ساق الدكتور صبري جواب أئمة الشيعة وغيرهم ممن يدّعي صحة نسبة ما في الكتاب إلى عليّ رضي الله عنه، عن هذه الشبهات بالتفصيل (ص28 - 65) ونقضها وبين استقامة هذه الشبهات وكونها أسباباً حقيقية واقعية تمنع من نسبة معظم ما في الكتاب إلى عليّ رضي الله عنه (ص65 - 79). وكان من كلامه أن قال (ص67): (وإذا كان بعض هؤلاء ممّن ينتسبون إلى مذهب الشيعة قد وصل به الأمر إلى الكذب على الله تعالى والخوض في آياته أفلا نتصوّر بعد هذا أن يكون البعض قد خاض أيضاً في خطب عليّ فضمّ اليها ما ليس له؟ ولما لا نجد مثل هذه الخطب إلاّ في كتب الشيعة والمتأخرين منهم ولا نجد لها ذكرا في كتب السنّة؟ ولماذا لم نعثر على كثير من هذه الخطب في بطون الكتب الأدبية المعروفة؟ وما الذي يضير علياّ ألاّ يكون له مثل هذا الكم الهائل من الخطب غير المعروفة المصدر أوالرواية؟) ثم بين الدكتور صبر بحجج واضحة أن كثيراً مما أسند إلى علي في (النهج) من خطب ورسائل وحكم تثبت نسبتها لآخرين من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، بل تجأوز الأمر هذه العهود إلى عهود متأخرة كالخليفة المأمون، وأكثر من ذلك نسبة أحاديث النبي صَلّى الله عليه وسلّم اليه أوحتى أقوال المسيح عليه السّلام، وكل هذا باقرار المحققين من السّنّة والشّيعة على السواء، بل من أئمة الشيعة الكثيرين أقروا بنسبة كثير منها إلى غير عليّ رضي الله عنه، وهوما نقله عنهم الدكتور صبري (ص 68 - 77).
وأخيراً يخلص الدكتور في نتائج توثيقه (ص 81) إلى أن أكثر من نصف الخطب في (النهج) لم تثبت صحة نسبتها إلى علي رضي الله عنه، وان حوالي ثلث ما فيه من الرسائل كذلك، وأكثر من ثلثي الحكم فيه لم تثبت صحة نسبتها اليه، وكذلك أكثر من نصف الغريب من الكلام فيه.
وبعد .. فهل يُمكن لأحد أن يحتجّ بما في (نهج البلاغة) خصوصاً على أهل السّنّة بعد هذا التحقيق الوافي؟
فنحن نرد عليه وننازعه بعدم صحة هذا القول عن علي، وإلاّ فليظهر لنا إسناداً صحيحاً له، إذ سيقت كلُّ هذه الخطب في ذلك الكتاب بلا إسناد مثلها مثل حاطبٍ بليل، ثم ننازعه في صحّة قوله رضي الله عنه في مثل هذه المسألة المهمّة شأنه في ذلك شأن غيره من الصحابة والتابعين، ونحن نقول: كلّ رجل يؤخذ منه ويُرد عليه إلاّ رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم-كما قال سلفنا الصالح- فما هي الحجّة بقول عليّ؟
ولا يكفي لإثبات حجّية مثل هذا القول ما أشار اليه من الأدلّة على ذلك إجمالاً ناسباً إياها إلى رسول الله صَلّى الله عليه وسلّم، وقد تركنا الجواب عليها حتى يذكرها مفصلة بعد ذلك.
لمن ينسب كتاب " نهج البلاغة "
30905
السؤال
أود أن اسأل عن مدى مصداقية كتاب نهج البلاغة ورأي فضيلتكم فيه .
الجواب
الحمد لله.
كتاب "نهج البلاغة"من الكتب المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وفيه كثير من الأمور التي وقع فيها الخلاف بين المنتسبين إلى الإسلام ، وتبعا للقاعدة العلمية العظيمة التي سار عليها أئمة الإسلام امتثالاً للأمر الشرعي بالتثبُّت فإننا لا بدَّ أن نرجع إلى أهل العلم والاختصاص للتأكد من صدق ما ينسب إلى علي رضي الله عنه لأن ما ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم له أثره في الشريعة ، لا سيما من كان مثل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه الذي غلا في حقه من غلا وقصَّر من قصَّر ووفق الله أهل السنة للتوسط .
وبالرجوع إلى كلام أهل العلم في هذا الكتاب وبالنظر والمقارنة بين ما فيه وما ثبت بالأسانيد الصحيحة عن علي رضي الله عنه ، يتبيَّن ما في هذا الكتاب من أمور تخالف ما ثبت عنه رضي الله عنه ، ولنترك الكلام لبعض هؤلاء الأئمة الأعلام :
قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة المرتضى علي بن حسين بن موسى الموسوي (المتوفى سنة436هـ) قلت : هو جامع كتاب " نهج البلاغة" , المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي -رضي الله عنه- , ولا أسانيد لذلك , وبعضها باطل , وفيه حق , ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها , ولكن أين المنصف؟! وقيل : بل جمع أخيه الشريف الرضي ... وفي تواليفه سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , فنعوذ بالله من علم لا ينفع . سير أعلام النبلاء 17/589 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( أكثر الخطب التي ينقلها صاحب "نهج البلاغة "كذب على علي ، وعليٌّ رضي الله عنه أجلُّ وأعلى قدرا من أن يتكلم بذلك الكلام ، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ، فلا هي صدق ولا هي مدح ، ومن قال إن كلام علي وغيره من البشر فوق كلام المخلوق فقد أخطأ ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فوق كلامه ، وكلاهما مخلوق ... وأيضا فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره ، لكن صاحب نهج البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ، ومنه ما يحكى عن علي أنه تكلم به ، ومنه ما هو كلام حق يليق به أن يتكلم به ولكن هو في نفس الأمر من كلام غيره ، ولهذا يوجد في كلام البيان والتبيين للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول عن غير علي وصاحب نهج البلاغة يجعله عن علي ، وهذه الخطب المنقولة في كتاب نهج البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة قبل هذا المصنف منقولة عن علي بالأسانيد وبغيرها ، فإذا عرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيرا منها بل أكثرها لا يعرف قبل هذا علم أن هذا كذب ، وإلا فليبيِّن الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ، ومن الذي نقله عن علي ، وما إسناده ، وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، ومن كان له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول بالأسانيد وتبين صدقها من كذبها ؛ علم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن علي من أبعد الناس عن المنقولات والتمييز بين صدقها وكذبها ).منهاج السنة النبوية 8/55 .
وممن أشار إلى الكذب فيه أيضاً الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/161 ، وكذلك القاضي ابن خلكان ، والصفدي وغيرهم ، وخلاصة المآخذ التي قيلت فيه يمكن حصرها في التالي :
بين مؤلف الكتاب وبين علي رضي الله عنه سبع طبقات من الرواة وقد قام بحذفهم كلهم ، ولهذا لا يمكن قبول كلامه من غير إسناد
لو ذكر هؤلاء الرواة فلا بد من البحث عنهم وعن عدالتهم .
عدم وجود أكثر هذه الخطب قبل ظهور الكتاب يدل على وضعها .
المرتضى ـ صاحب الكتاب ـ ليس من أهل الرواية بل إنه من المتكلم في دينه وعدالته .
ما فيه من سب لسادات الصحابة كافٍ في إبطاله .
ما فيه من الهمز واللمز والسب مما ليس هو من أخلاق المؤمنين فضلا عن أئمتهم كعلي رضي الله عنه .
فيه من التناقض والعبارات الركيكة ما يعلم قطعاً أنه لا يصدر عن أئمة البلاغة واللغة .
كونه أصبح عند الرافضة مسلَّماً به ومقطوعاً بصحته كالقرآن مع كل هذه الاعتراضات يدل على عدم مراعاتهم في أمور دينهم لأصول التثبت والتأكد السليمة .
وبناءً على ما تقدم ذكره يتبين عدم ثبوت نسبة هذا الكتاب لعلي رضي الله عنه ، وعليه ؛ فإن كل ما فيه فإنه لا يحتج به في المسائل الشرعية أيًّا كانت ، أما من قرأه ليطالع بعض ما فيه من الجمل البلاغية فإن حكمه حكم بقية كتب اللغة ، من غير نسبة ما فيه لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه . (أنظر كتاب " كتب حذًّر منها العلماء" 2/250 ).
نقد مختصر لكتاب نهج البلاغة
محمد بن علي بن جميل المطري
كتاب نهج البلاغة من أقدس كتب الشيعة؛ لأنهم يزعمون أنه مجموع ما اختاره الشريف الرضي محمد بن الحسين المتوفى سنة 406 هجرية من كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علي السلام، وفي هذا الكتاب خطب طويلة، وحكم قصيرة، ومواعظ بليغة، ونصائح كثيرة، وكلها منسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال بعض المؤرخين: إن مؤلف نهج البلاغة هو الشريف المرتضى علي بن الحسين المتوفى سنة 436 هـ أخو الشريف الرضي، وقيل: إن الأخوين الرضي والمرتضى اشتركا في تأليف نهج البلاغة، وكان كلاهما من أهل العلم باللغة والفصاحة.
قال أبو منصور الثعالبي المتوفى سنة 429هـ في الشريف الرضي: أشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر، ولو قلت: إنه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق! ((يتيمة الدهر)) للثعالبي (3/ 155).
وقال مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي المتوفى سنة 748 هـ في الشريف المرتضى: الشريف المرتضى المتكلم الرافضي المعتزلي، صاحب التصانيف. .. وهو المتهم بوضع كتاب نهج البلاغة، وله مشاركة قوية في العلوم، ومن طالع كتابه نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ((ميزان الاعتدال في نقد الرجال)) للذهبي (3/ 124).
وقد اطلعت على كتاب نهج البلاغة ورأيت فيه ما يدل دلالة قاطعة على عدم صحة نسبة ما فيه إلى الصحابي الجليل الإمام علي رضي الله عنه، ومن الدلائل على ذلك ما يلي:
1 -إن في خطب نهج البلاغة الطعن الصريح في خلافة أبي بكر وعمر واستنقاص أصحاب النبي صلى الله عليه وآله سلم الذين أثنى الله عليهم في كتابه في أكثر من مائة آية في كتابه الكريم كما بينت ذلك في رسالتي المنشورة في الشبكة العنكبوتية: مائة آية في فضل الصحابة.
2 -إن في خطب نهج البلاغة من التكلف والتطويل بالسجع ما لا يعهد مثله عن الصحابة الكرام.
3 -إن في نهج البلاغة بعض مصطلحات المعتزلة وغيرهم من أهل الكلام مثل ذكر الحد ونحو ذلك من الألفاظ المبتدعة التي لم تكن معروفة في عهد الصحابة والتابعين.
4 - إن في نهج البلاغة إنكار صفات الله تعالى، ويفهم من بعض الكلمات المنسوبة فيه إلى علي رضي الله عنه إنكار صفة علو الله على خلقه، وإنكار رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، بل في نهج البلاغة ج1 ص15- طبعة مؤسسة الأعلمي بيروت -: (كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه!!)، وحاشا عليا رضي الله عنه أن يقول هذا الكلام الذي لا يقوله إلا المعتزلة المنكرون صفات الكمال لله عز وجل.
5 - إن في نهج البلاغة بعض الأحاديث النبوية المعروف نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنسبها مؤلف نهج البلاغة إلى علي رضي الله عنه، ومن ذلك: ((من بطأ به عمله، لم يسرع به نسبه))، فهذا نص حديث نبوي رواه مسلم (2699) في صحيحه والترمذي (2945) وأبو داود (3643) وابن ماجه (225) وأحمد (7427) وغيرهم، كلهم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك أيضا: حديث: ((إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وغفل عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها))، فهذا نص حديث نبوي رواه الطبراني في المعجم الكبير (589) و (677) والدارقطني (4396) والبيهقي (19725) كلهم من طريق داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك أيضا: حديث: ((إن لله أقواما اختصهم بالنعم لمنافع العباد، ويقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها نزعها عنهم وحولها إلى غيرهم))، فهذا نص حديث نبوي رواه الطبراني في المعجم الكبير (13925) وفي المعجم الأوسط (5162) وأبو نعيم في حلية الأولياء (6/ 115) والبيهقي في شعب الإيمان (7256) وغيرهم، كلهم من طريق الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
6 - إن في نهج البلاغة بعض الأقوال المعروف نسبتها إلى بعض الصحابة أو التابعين، فنسبها مؤلف نهج البلاغة إلى علي رضي الله عنه، وأكتفي بهذا المثال: (منهومان لا يشبعان: طالب علم وطالب دنيا)، فهذا الأثر رواه ابن أبي شيبة (26118) بسنده فقال: حدثنا ابن إدريس عن ليث عن طاوس عن ابن عباس فذكره، ورواه الدارمي (343) فقال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن سيار عن الحسن البصري قال: (منهومان لا يشبعان: منهوم في العلم لا يشبع منه، ومنهوم في الدنيا لا يشبع منها)، ورواه الدارمي أيضا (344) عن ابن مسعود فقال: أخبرنا جعفر بن عون أنبأنا أبو عميس عن عون قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (منهومان لا يشبعان: صاحب العلم، وصاحب الدنيا، ولا يستويان)، وقد رواه الحاكم في المستدرك (312) عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق أبي عوانة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((منهومان لا يشبعان: منهوم في علم لا يشبع، ومنهوم في دنيا لا يشبع)، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (10388) عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((منهومان لا يشبعان طالبهما: طالب علم، وطالب الدنيا))، ولو كان لهذا الكلام إسناد إلى علي رضي الله عنه لحفظه أهل الحديث، فهم أحرص الناس على كتابة كل ما يروى بإسناد، وقد خاب من افترى.
وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حين قال: المعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره، لكن صاحب نهج البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس وجعلوه من كلام علي، ومنه ما يُحكى عن علي أنه تكلم به، ومنه ما هو كلام حق يليق به أن يتكلم به، ولكن هو في نفس الأمر من كلام غيره. ولهذا يوجد في كلام البيان والتبيين للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول عن غير علي، وصاحب نهج البلاغة يجعله عن علي. وهذه الخطب المنقولة في كتاب نهج البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة قبل هذا المصنف، منقولة عن علي بالأسانيد وبغيرها. فإذا عرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيرا منها - بل أكثرها - لا يُعرف قبل هذا، علم أن هذا كذب، وإلا فليبين الناقل لها في أي كتاب ذُكِر ذلك؟ ومن الذي نقله عن علي؟ وما إسناده؟ وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد. ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (8/ 55، 56).
كلام بعض العلماء القدامى والمعاصرين في كتاب نهج البلاغة:
1- قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن ثابت المشهور بالخطيب البغدادي المتوفى سنة 463 هجرية: أحاديث الملاحم وما يكون من الحوادث أكثرها موضوع، وجلها مصنوع، كالكتاب المنسوب إلى دانيال، والخطب المروية عن علي بن أبي طالب. ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) للخطيب البغدادي (2/ 161).
2- قال ابن خلكان المتوفي سنة 681 هـ: وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، هل هو جمعه أم جمع أخيه الرضي، وقد قيل: إنه ليس من كلام علي، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه، والله أعلم. ((وفيات الأعيان)) لابن خلكان (3/ 313).
3- قال شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة 728 هـ: وأما نقل الناقل عنه أنه قال: (لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وهو يعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى). فنقول: أولا: أين إسناد هذا النقل بحيث ينقله ثقة عن ثقة متصلا إليه؟ وهذا لا يوجد قط، وإنما يوجد مثل هذا في كتاب نهج البلاغة وأمثاله، وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراة على علي، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب متقدم، ولا لها إسناد معروف. فهذا الذي نقلها من أين نقلها؟ ولكن هذه الخطب بمنزلة من يدعي أنه علوي أو عباسي، ولا نعلم أحدا من سلفه ادعى ذلك قط، ولا ادعي ذلك له، فيُعلم كذبه. فإن النسب يكون معروفا من أصله حتى يتصل بفرعه، وكذلك المنقولات لا بد أن تكون ثابتة معروفة عمن نقل عنه حتى تتصل بنا. فإذا صنف واحد كتابا ذكر فيه خطبا كثيرة للنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، ولم يرو أحد منهم تلك الخطب قبله بإسناد معروف، علمنا قطعا أن ذلك كذب. وفي هذه الخطب أمور كثيرة قد علمنا يقينا من علي ما يناقضها. ((منهاج السنة النبوية)) لابن تيمية (7/ 86، 87).
4- قال الحافظ الذهبي المتوفى سنة 748 هــ في كتابه تاريخ الإسلام في ترجمة الشريف المرتضى: وقد اختُلِف في كتاب نهج البلاغة المكذوب على علي عليه السلام، هل هو وضعه أو وضع أخيه الرضي. ((تاريخ الإسلام)) للذهبي (9/ 558).
5- قال أيضا مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي: كتاب نهج البلاغة المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي رضي الله عنه، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها ولكن أين المنصف؟! ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (17/ 589).
6- قال عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعي المتوفى سنة 768هـ: وللمرتضى تصانيف على مذهب الشيعة، ومقالة في أصول الدين، وله ديوان شعر كثيرة، وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، هل هو جمعه أو جمع أخيه الرضي؟ وقد قيل: إنه ليس من كلام علي، وإنما أحدهما هو الذي وضعه ونسبه إليه، والله تعالى أعلم. ((مرآة الجنان وعبرة اليقظان)) لليافعي (3/ 43).
7- قال خير الدين الزركلي المتوفى سنة 1396هـ في ترجمة علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتابه الأعلام: وجُمِعت خطبه وأقواله ورسائله في كتاب سُمِّي نهج البلاغة، ولأكثر الباحثين شك في نسبته كله إليه. أما ما يرويه أصحاب الأقاصيص من شعره وما جمعوه وسموه ديوان علي بن أبي طالب فمعظمه أو كله مدسوس عليه. ((الأعلام)) للزركلي (4/ 295، 296).
8- قال الدكتور علي السالوس: كتاب نهج البلاغة كتاب بغير إسناد، فسواء أكان من تأليف وجمع الشريف الرضي المتوفى سنة 406 هـ أم أخيه الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 هـ، فليس متصل الإسناد إلى الإمام علي رضي الله عنه، بل كان التأليف والجمع بعد ما يقرب من أربعة قرون، وكما قال عبد الله بن المبارك وابن سيرين وغيرهما: لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء. وروى الإمام الحاكم بسنده عن عبد الله بن المبارك قال: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ... فكتاب نهج البلاغة إذًا بغير خطم ولا أزمة، ولا وزن له من الناحية العلمية. وفى ضوء المنهج العلمي لا يعتبر حجة في أي فرع من فروع الشريعة فضلا عن أصول العقيدة. وإذا ثبت أن هذا الكتاب للشريف الرضي فإن هذا الشاعر رافضي جلد لا يُحتج بروايته كما هو معلوم من ترجمته، وهذا يعني أن نهج البلاغة لو كان مسندا عن طريقه فلا يجوز الاحتجاج بما جاء فيه. فلو كان مسندا فليس بحجة، فما بالك إذا خلا تماما عن الإسناد؟! ((مع الاثني عشرية في الأصول والفروع)) للدكتور علي السالوس (ص: 216، 217).
9- قال محمد أحمد العباد في تحقيقه لكتاب رسائل السنة والشيعة لمحمد رشيد رضا (2/ 144): كتاب نهج البلاغة لا يمكن بحال أن يُنسب لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه انطلاقاً من واقع علي رضي الله عنه، ومن ضوابط العلم المتبعة عادة في إثبات المنقولات إلى قائلها، حيث يفتقد إلى إسناد متصل إليه، فجامعه الشريف الرضي من القرن الرابع الهجري، وبينه وبين علي رضي الله عنه قرون!
10- قال الدكتور علي محمد الصلابي: من الكتب التي ساهمت في تشويه تاريخ الصحابة بالباطل كتاب نهج البلاغة، فهذا الكتاب مطعون في سنده ومتنه، فقد جُمِع بعد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بثلاثة قرون ونصف بلا سند!! وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضي وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصاً فيما يوافق بدعته فكيف إذا لم يُسند كما فعل في النهج؟ وأما المتهم بوضع النهج فهو أخوه علي، .. إن كتاب نهج البلاغة يجب الحذر منه في الحديث عن الصحابة، ومن أراد الاستفادة منه فعليه أن يعرض المسائل العقائدية والأحكام الشرعية وما يتعلق بالصحابة الكرام على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما وافق الكتاب والسنة الصحيحة الثابتة عند علماء المسلمين، فلا مانع من الاستئناس به، وما خالف فلا يلتفت إليه. ((أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه)) للدكتور الصلابي (ص: 9).
الاحتجاج على الشيعة ببعض ما ورد في نهج البلاغة:
في نهج البلاغة نصوص ترد على الشيعة الرافضة وتناقض مذهبهم في بعض الأصول والفروع، ومن ذلك:
1- قال العلامة رحمة الله الهندي المتوفى سنة 1308هــ في كتابه إظهار الحق (3/ 938): في نهج البلاغة الذي هو كتاب معتبر عند الشيعة قول علي رضي الله عنه هكذا: (للَّه بلاء فلان فلقد قوم الأود، وداوى العمد، وأقام السنة، وخلَّف البدعة، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، أصاب خيرها، وسبق شرها، أدى إلى الله طاعته، واتقاه بحقه، رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي فيه الضال، ويستيقن المهتدي) انتهى. والمراد بفلان على مختار أكثر الشارحين منهم البحراني: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وعلى مختار بعض الشارحين: عمر الفاروق رضي الله عنه، فذكر علي رضي الله عنه عشرة أوصاف من أوصاف أبي بكر أو عمر رضي الله عنه، فلا بد من وجودها، ولما ثبتت هذه الأوصاف له بعد مماته بإقرار علي رضي الله عنه فما بقي في صحة خلافته شك. قلت: هذا الأثر مذكور في نهج البلاغة ج2 ص 22 - طبعة مؤسسة الأعلمي بيروت – وقد وجدت له إسنادا عن علي رضي الله عنه رواه ابن شبة المتوفى سنة 262هـ في كتابه ((تاريخ المدينة)) (3/ 942) قال: حدثنا محمد بن عباد بن عباد قال: حدثنا غسان بن عبد الحميد قال: بلغنا أن عبد الله بن مالك بن عيينة الأزدي حليف بني المطلب قال: لما انصرفنا مع علي رضي الله عنه من جنازة عمر رضي الله عنه دخل فاغتسل، ثم خرج إلينا فصمت ساعة، ثم قال: لله بلاء نادبة عمر! لقد صدقت ابنة أبي حثمة حين قالت: واعمراه، أقام الأود وأبدأ العهد، واعمراه، ذهب نقي الثوب، قليل العيب، واعمراه أقام السنة وخلَّف الفتنة، ثم قال: والله ما درت هذا ولكنها قُوِّلَتْهُ وصدقت، والله لقد أصاب عمر خيرها وخلَّف شرها، ولقد نظر له صاحبه فسار على الطريقة ما استقامت، ورحل الركب، وتركهم في طرق متشعبة لا يدري الضال، ولا يستيقن المهتدي. انتهى، وبالمقارنة بين هذا الأثر المسند وبين النقل الذي ذكره مؤلف نهج البلاغة نجد عدم الأمانة العلمية عند مؤلف نهج البلاغة حيث لم يذكر اسم عمر، ويتبين لنا عدم ثقته في نقله حيث زاد ونقص في الأثر، وجعل كلام النادبة الفصيح كلاما لعلي رضي الله عنه، وإنما كلام علي رضي الله عنه كان ترديدا لكلام النادبة إعجابا به وتصديقا له، ثم قال علي: والله لقد أصاب عمر خيرها .. إلخ، فحذف صاحب نهج البلاغة ما يبين أن أصل الكلام كلام المرأة النادبة لعمر بن الخطاب، ونسب كل ذلك الكلام إلى علي رضي الله عنه! ويكفي هذا في كشف كذب وتحريف مؤلف نهج البلاغة، والله المستعان.
2- جاء في نهج البلاغة ص 366 - 367 تحقيق صبحي الصالح أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار، ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى)، ففي هذا الكلام التصريح بفضل المهاجرين والأنصار وأن الشورى لهم، وصحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان لمبايعتهم لهم، وأن إجماعهم على رجل للخلافة هو لله رضا، ولم يذكر أنهم حين لم يبايعوه بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وسلم خالفوا وصية الرسول كما يزعم الرافضة. وقد علق على هذا الكلام الموجود في نهج البلاغة محمد سالم الخضر في كتابه: ((ثم أبصرت الحقيقة)) ص 173 بقوله: وقد أثار الإمام علي بهذه العبارة حقائق جديرة بالاهتمام حيث يجعل:
أولاً: الشورى للمهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبيدهم الحل والعقد.
ثانياً: اتفاقهم على شخص سبب لمرضاة الله وعلامة لموافقته سبحانه وتعالى إياهم.
ثالثاً: لا تنعقد الإمامة في زمانهم دونهم، وبغير اختيارهم.
رابعاً: لا يرد قولهم ولا يخرج عن حكمهم إلا المبتدع الباغي المتبع غير سبيل المؤمنين.
خامساً: أنه جعل صحة خلافته مبنية على صحة خلافة من سبقه، فإنه صار خليفة للمسلمين بمبايعة من بايع أبا بكر وعمر وعثمان. فأين هم الشيعة الإثنا عشرية عن هذه التصريحات الهامة؟!
3- جاء في نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص136 أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه (لما أراده الناس على البيعة، فإنه قال: دعوني والتمسوا غيري فإننا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول ... وإن تركتموني فإني كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه، وأنا لكم وزيراً خير مني لكم أميراً).
4- جاء في نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص335 أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (إني لست في نفسي بفوق أن أخطئ، ولا آمن ذلك من فعلي)، وهذا يخالف ما يعتقده الرافضة في علي رضي الله عنه من العصمة وأنه لا يخطئ. وجاء في نهج البلاغة ج 4 ص 72 - طبعة مؤسسة الأعلمي بيروت - أن عليا رضي الله عنه قال: ما أهمني ذنب أُمهلت بعده حتى أصلي ركعتين.
5- جاء في نهج البلاغة تحقيق صبحي الصالح ص323 أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال وقد سمع قوما من أصحابه يسبون أهل الشام أيام حربهم بصفين: (إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا وأصلح ذات بيننا وبينهم).
6- جاء في نهج البلاغة تحقيق صبحي صالح ص448 أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (ربنا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله، والتصديق برسوله، ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا في دم عثمان، ونحن منه براء)، ففي هذا النص شهادة واضحة من أمير المؤمنين علي لمن قاتله بالإيمان ولم يكفرهم ولم يتهمهم بالنفاق.
7- جاء في نهج البلاغة تحقيق صبحي صالح ص179 أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج والشبهة)، فسمى علي رضي الله عنه من قاتلهم إخوة في الإسلام، وهذا هو الموافق لما في القرآن: ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [الحجرات: 9]، فالفئة الباغية مؤمنة وليست كافرة، ولذلك فالحسن بن علي رضي الله عنهما تنازل عن الخلافة لمعاوية لأنه يعتقده مسلما، ولو كان يعتقد أن معاوية كافر أو منافق لما تنازل له بالخلافة.
8- جاء في نهج البلاغة تحقيق صبحي صالح ص322 أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها)، فلو كانت الخلافة وصية نبوية لعلي رضي الله عنه لكان حريصا على تنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وسلم.
9- جاء في نهج البلاغة أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فغسل قدميه ولم يمسحهما كما يفعل الرافضة الإثنا عشرية!!
10- جاء في نهج البلاغة ج4 ص 28 - طبعة مؤسسة الأعلمي بيروت - أن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (هلك فيَّ رجلان: محبٌ غالٍ، ومبغضٌ قالٍ). ففي هذا تحذير لمن يغلو في أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فيرفعه فوق منزلته كالشيعة الرافضة، وفيه تحذير لمن يبغضه كالناصبة، وخير الأمور أوسطها.
هذا ما يسر الله لي كتابته باختصار نصحا لأهل الإسلام، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ونسأل الله أن يميتنا على الإسلام والسنة، وأن يثبتنا على دينه الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وآله سلم.
تعليقات
إرسال تعليق